قيود الإغلاق إلى انتهاء، لندن جديدة تستعد لاستقبال السياح

مع تخفيف قيود الإغلاق، لندن جديدة تستعد لاستقبال السياح

قيود الإغلاق في لندن غيَّرت الحياة الطبيعيّة لجميع سكانها كما هو الحال في العالم أجمع. أثرَّت على الأعمال والاقتصاد والحياة الجماعيّة ومختلف جهات الحياة، إليكم جولة في لندن وهي تنتظر فك القيود في 19 يوليو.

إعداد: ماريا نصور

كغير عادته Berkeley Square هادئ للغاية.

في العاشرة من صباح يوم ثلاثاء مشمس في أوائل يوليو، كان المكان أشبه بقرية نائمة. حركة سيارات خفيفة جداً، ومن الرصيف الشرقي يمكن رؤية سبعة أشخاص فقط: مُدرِّب رياضيّ وصديقه، رجل في منتصف العمر يرتدي قفازات الملاكمة؛ أربع نساء يجلسن أمام المقهى؛ وشاب يرتدي قميصاً أبيض داخل معرض لبيع السيارات الراقية وعيناه مثبتتان على شاشة الكمبيوتر.

من بعد أضرار كوفيد 19 – لندن لم تعد تماماً لندن.

Berkeley Square
في العاشرة من صباح يوم ثلاثاء مشمس في أوائل يوليو، كان Berkeley Square  أشبه بقرية خضراء نائمة.

انتهت قيود الإغلاق الصارمة كما نعلم

لكن المدينة لاتزال تستيقظ من سباتها وهي تنتظر 19 يوليو، وهو تاريخ الخطوة التالية من “خارطة الطريق” التي وضعتها الحكومة البريطانيّة، والتي عندها سيتم التخلص من جميع القيود.

تم إزالة من الطحالب الخضراء التي نمت حول Shakespeare’s Globe، وبدأت London Eye بالدوران مجدداً، وافتتحت مسارح West End بعد إخراج مايقارب 50% من المقاعد فيها وذلك للحفاظ على المسافات الآمنة بين الحضور.

يبدو أن الموجة المتصاعدة من مُتغيِّر دلتا الجديد قد بددت آمال عودة السياح للعاصمة التي كانت تستقبل 20 مليون سائح سنوياً. لكن ليس السياح فقط هم المفقودون. المكاتب فارغة، وآلاف الأشخاص غادروا لندن للحصول على حياة أكثر استقراراً.

London Eye
بدأت London Eye بالدوران مجدداً لكن يبدو أن الموجة المتصاعدة من مُتغيِّر دلتا الجديد قد بددت آمال عودة السياح

يبدو أنَّه من المستحيل ألّا تتغير لندن نتيجة هذا الوباء.

بالقرب من Berkeley Square في Bruton Place، كان قد وصل Oisín Rogers للتو من رياضة الصباح الخاصة به. وقف Rogers ذو الشعر البني الغامق أمام Guinea Grill – حيث وَجَدت الزخارف العريقة، والغرف المكسوّة بالأخشاب، وسجاد الترتان شعبيّة لدى السوّاح الأمريكيين منذ الحرب العالميّة الثانيّة، عندما كانت السفارة الأمريكيّة بالقرب من هنا وGuinea Grill يقدّم ستيك الللحم المشوي الأفضل في المنطقة. (قد يقول العديد من الناس أنَّه لا يزال كذلك)

قواعد المسافات الآمنة التي حددتها قيود الإغلاق خفضت المقاعد إلى النصف، لكن أصحاب Guinea سمحوا بالتوسع نحو مطعم Pizza Express السابق. وهكذا استطاعوا خدمة العدد ذاته من الناس. “في العام الطبيعيّ، يُشكِّل السوّاح حوالي 20% إلى 30% من الزبائن.” قال Rogers “لقد تم استبدالهم بالأزواج والعائلات، القادمين بسبب مناسبات خاصة – والناس الذين ينفقون أكثر من العادة.”

مثل العديد من سكان لندن الرائعين

Rogers إيرلندي. وصل من دبلن عام 1989 بحثاً عن فتاة كانت قد عادت بالفعل إلى إيرلندا. لكنَّه قرر البقاء. بعد أن كرَّس معظم حياته لحانات لندن، فليسَ من المُستغرب أنَّه متفائل بشأن مستقبلها.

“لا نزال في جائحة ولكنَّنا على وشك الخروج منها.” قال Rogers البالغ من العمر 53 عاماً “أعتقد أن الناس يريدون العودة إلى الحياة الطبيعيّة. الحانات أصبحت أمراً عاديّاً من مجتمعنا منذ زمن بعيد، في أيرلندا وفي انكلترا أيضاً – وليس في أي مكان آخر.”

من الممكن تأكيد هذا الكلام، لندن بدون حانات هي مثل الfish بدون chips. لكن لم تكن جميع جوانب الإغلاق صعبة التحمُّل.

شارع Oxford – مركز التسوق الرئيسي في المدينة، وهو مكان يتجنَّبُه الكثيرون بسبب كثرة الازدحام البشريّ. اليوم هو مُظلَّل وخالٍ من الناس. وفي Shaftesbury Avenue تعددت لحظات الصمت الشامل.

على عكس ذلك، في Lincoln’s Inn Fields يمكنكم رؤية المزيد من الحركة والحياة. موظفو المكاتب بتناولون الغذاء على العشب الأخضر والمقاعد الخشبيّة. صوت ضربات كرات التنس يجعل المكان يبدو وكأنَّه منتجع لقضاء العطلات أكثر من كونه قلب المدينة الأكبر في أوروبا الغربيّة. وبقرب المكان توجد Seven Stars، حانة رفيعة تحظى بشعبيّة بين المحامين ومحاكم العدل المجاورة.

لدى سكّان لندن المعاصرون العديد من الآراء حول الطعام.

الطهاة “Chefs” هم ذو سمعة مرموقة، وذلك يشمل صاحبة المطعم المحبوب كثيراً Darjeeling Express أسماء خان. فريق مطبخها مكوَّن من نساء من جنوب آسيا، والنساء عندها يتقاضون الأجر العادل.

خارج المعطم، توجد معجبتان صغيرتان تلتقطان صورة أمام مظلّات المطعم الأنيقة ذات اللون الأزرق الفاتح. في الداخل، خان البالغة من العمر 52 عاماً تقوم بإعداد الأطباق لتصويرها غداً من أجل كتاب الطبخ الثاني الخاص بها. المطعم مغلق حالياً أيام الأحد والاثنين والثلاثاء.

الإغلاق كان مليئاً بالأعمال بالنسة لخان أكثر من غيرها. كونه أصبح الموقع الأساسي لمطعمها في Carnaby Street صغيراً، انتقلت إلى Covent Garden في أواخر عام 2020. ذلك لم يكن قبل جولة مثيرة للغضب في عالم العقارات في لندن، و5,500$ غرقت في خطط الحصول على موقع خسرته في النهاية.

بقى المطعم مفتوحاً لتوصيل الطلبات الخارجيّة فقط بسبب قيود الإغلاق الأطول، والتي امتدت منذ قبل عيد الميلاد وحتى أبريل العام الحاليّ. “ديسمبر كان حزيناً للغاية” قالت خان “المحال مغلقة لكنَّها لا تزال مليئة بالزينة. كنت أمشي في المكان لكن لا أرى سوى خيالي، كان ذلك صعباً.”

بالنسبة لبعض الناس، قامت قيود الإغلاق بتغيير أمور كثيرة.

لكن بالنسبة لخان التي وصلت إلى المملكة المتحدة من الهند في عام 1991 وأقامت في لندن منذ 1996، لا يزال الكثير بحاجة إلى تغيير. عالم الضيافة في لندن يعاني من نقص شديد في فريق العمل، وهو أمر برأيها قد حدث من صنع ذاته . “عدد قليل جداً من الناس يعملون في الضيافة” أكملت “ليس لأنَّهم كسالى، لكن لأنَّ هذا السلك لم يعامل موظفيه بالطريقة المناسبة.”

العديد من الناس خسروا أعمالهم، والأغلبية قاموا بتغيير طرق استثماراتهم ومدخراتهم ومنهم من أخذ على عاتقه أعمال أخرى للمحافظة على مستوى معيشة مشابه لما كان قبل الجائحة. إنَّها حقيقة مؤلمة، خاصة لمن هم يعيشون حياة آمنة في الطبقة المتوسطة.

برج لندن هو الأفضل حتى مع قيود الإغلاق

حيث يمكنهكم بسهولة إمضاء ساعات بالنظر إلى Crown Jewels والتي غالباً لا يمكنكم الوصول إليها بسبب السائحين. لقد عانى البرج بسبب قلّة الزائرين خلال العام السابق، فقد حظي ب2000 زائر يومياً في الوقت الحالي، مقارنةً بما كان يصل إلى 30,000 زائر في الأيام العاديّة، 70% منهم من الخارج.”

Tower of London
لقد عانى Tower of London بسبب قلّة الزائرين خلال العام السابق

“الإغلاق كان أغرب تجربة حصلت في حياتي.” قال Pete McGowran والذي أمضى مايقارب 26 عاماً في سلاح الجو الملكي “الأسبوعان الأولان كانا أمراً جديداً، ولكن بعد ذلك قلت ” انتظر، لماذا أقوم بهذا العمل؟” نحن نريد أن نقدم تجربة رائعة. هذا ما يجعلني سعيد”.

أغرب ماحدث خلال الإغلاق كان الصمت، رغم أنَّه لم يكن كاملاً. للسنة الثالثة على التوالي، شهد عام 2021 ولادة غرابين -Edgar وBranwen- في برح لندن. وأنتم على بعد أميال من البرج يمكنكم سماع أحد هذين الغرابين وهو ينعق بكل وضوح. “إنَّهم يفضلون وجود الناس هنا” قال McGowran ذو ال63 عاماً “يحبون الحصول على الطعام من الزوّار، مع أننا نقوم بإطعامهم جيداً. لهذا لا يغادرون البرج، إنَّهم يحصلون على ستيك أفضل من الذي أحصل عليه أنا!”

في لندن الحديثة، جميع الأمور ترجع إلى الطعام.

كما قال Rogers: “عندما يعودون سوف نكون هنا. قد يظنون بأنَّها لا تزال لندن تماماً كما كانت أو حتى أفضل بقليل مما كانت.”

الأمور تتغير، ربما قليلاً وربما كثيراً، لكن زيارة واحدة إلى البرج تذكركم بأن المدينة قد شهدت أياماً أسوء. قد تتغير لندن وقد لا تتغير، لكنها ستبقى.