
عبر العصور، اشتهرت الكثير من المقولات المختلفة التي تتحدث عن الصداقة و الأصدقاء،
لكن جميعها كانت تخبرنا بأن الصديق الحقيقي هو الصديق المستعد للاستماع إلى أحاديثك الطويلة في السراء والضراء.
متابعة: غنى حبنكة.
حيث تتركز أهمية الأشخاص من حولنا في وجودهم قربنا بجميع الأوقات العصيبة بمثابة كتفٍ للبكاء،
أو بكونهم ملجأ لنا في أوقات الحيرة والتردد بمثابة صوتٍ ناطقٍ للعقل والمنطق،
سواءً كنا نمر بالانفصال أو نواجه بعض العقبات في العمل أو نتعامل مع بعض المشكلات العائلية.
الأهمية الكبيرة للاستماع الداعم:
لاشك بأننا جميعاً على دراية بالدعم النفسي الذي نقدمه للأشخاص حين نستمع لهم،
لكن دراسة جديدة اكتشفت مدى أهمية ذلك في الدعم الاجتماعي أيضاً،
وبأنه قد يؤدي حتى إلى زيادة متوسط العمر المتوقع للأشخاص.
فقد أظهر بحث جديد، نُشر في مجلة Jama Network Open، أن إحاطة نفسك بمستمعين جيّدين من الأصدقاء والعائلة ممن تستطيع التحدث إليهم والتنفيس عن ضغوطاتك بقربهم يمكن أن يساعد في بناء المرونة المعرفية لديك.
ماذا تعني المرونة المعرفية؟
بشكلٍ مبسط، تشير المرونة المعرفية إلى قدرة الشخص على الاحتفاظ بذكائهم العقلي مع تقدمه في العمر.
وهذا يعني أن مرض الزهايمر وأنواع الخرف الأخرى، أو الاضطرابات التي تؤثر على وظائف المخ والعمليات العقلية والذاكرة، غالباً ما ترتبط بضعف المرونة الإدراكية.
لذلك في المرة القادمة التي يسألك فيها أحد أصدقائك ما إذا كان بإمكانه التحدث إليك عن نفسه وعن مشكلاته،
تأكد من أن تستجيب له وتستمع إليه بإنصات، لأنك بهذا العمل البسيط قد تساعده على العيش لفترة أطول.. تخيّل!
ولإثبات ذلك، طلبت الدراسة من 2171 بالغاً توثيق مستويات التنشئة الاجتماعية وتصنيفهم ضمن خمسة أنواع:
الاستماع، والنصيحة، والعاطفة، والدعم العاطفي، والاتصال الكافي.
ثم وباستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وجد الباحثون أن المشاركين الذين يحظون باستماع جيد وداعم من قبل محيطهم، تبين أن لديهم مستويات أعلى من المرونة المعرفية مقارنةً بباقي المشاركين.
بعبارة أخرى، فإن السماح للأصدقاء والأقارب برواية قصصهم أو التنفيس عن أنفسهم هو أفضل طريقة بالضبط لتقديم الاستماع الداعم. فليس هناك حاجة دوماً إلى تقديم النصيحة أو الرد، بل يكفي مجرد الإنصات الجيد لهم والتواجد بقربهم.
في الواقع، تتجلى أهمية هذه الدراسة بتسليط الضوء على عوامل وطرق مساعدة في الوقاية من مرض الزهايمر يغفل الكثير عن ذكرها، مثل الصداقات وأهمية الاستماع. في الوقت الذي لا تشتهر فيه سوى أساليب الأنظمة الغذائية وتمارين الدماغ المنتظمة كأساليب وقائية من هذه المرض.
وختاماً.. إحاطة أنفسنا بأصدقاء يتقنون الاستماع الداعم لا يجعلنا نشعر بالرضا فحسب،
بل من شأنه أن يساعدنا أيضاً في الحفاظ على صحة عقولنا ومرونتها لسنوات أطول.